الوضع الحالي لتكنولوجيا الطاقة المتجددة وعزل ثاني أكسيد الكربون
بالرغم من الاختلافات الكثيرة بين كوكبي الزهرة والأرض في (١) المسافة من الشمس، (٢) الخصائص الجيولوجية، (٣) دوران الكوكب، و (٤) الفترة المدارية. لكن على حد سواء كلا الكوكبين لهم ميزة مهمة ومشتركة وهي وجود الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، وخاصة تركيز مركب ثاني أكسيد الكربون (CO2) في الغلاف الجوي. تركيز ثاني أكسيد الكربون (CO2) في الغلاف الجوي لكوكب الزهرة تقريبا ٩٦.٥٪، في حين تركيزه في الغلاف الجوي للأرض حسب اخر الإحصاءات الصدارة بين عامي ٢٠١١-٢٠١٥ هي ٠.٠٤٪ (ما يعادل ٣٩١-٤٠٠ جزء من المليون من مكونات الغلاف الجوي). لذلك نجد ان متوسط درجة حرارة سطح كوكب الزهرة ٤٧٠ درجة مئوية، وفي الجهة المقابلة، متوسط درجة حرارة سطح الكرة الأرضية ١٤ درجة مئوية. دائما ما يجذبني هذا التشبيه، حيث نستطيع ان نرى بوضوح أن الاحتباس الحراري هو واقع يحدث في كوكب الزهرة، لكن في كوكب الأرض لا يزال البشر بعيدين عن ذلك ولهم الخيار في ألا تصبح الأرض كوكب آخر مثل الزهرة. البشر على حافة الهاوية، حيث يمكننا المضي قدما وتدمير حضارتنا عن طريق زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون وغيرها من الغازات الدفيئة الخطرة، او إجراء بحوث كبرى تساعد في التقدم والتنمية العلمية، عن طريق زيادة الإسهامات الرئيسية العلمية المتراكمة الهامة منها او الثانوية لتجنب هذا المستقبل المقلق.
المصدر الرئيسي وراء التغير المناخي هي النشاطات البشرية التي تعتبر أحد القوى الخارجية (أي ليست من فعل الطبيعة) الموجهة والمسرعة من حدوث الاحتباس الحراري. هناك تنبؤات علمية مأخوذة من الدراسات السابقة والحالية انه إذا استمرت هذه النشاطات على الرتم الحالي، سوف يصل تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي في المستقبل القريب الى ١٥٠٠ جزء من المليون (أي ٠.١٥٪). لعدة قرون قبل عام ١٩٥٠، كان تركيز ثاني أكسيد الكربون متوازن حول ٣٠٠ جزء من المليون في الغلاف الجوي (أي ٠.٠٣٪)، لكن بسبب النشاط البشري وخاصة مع بداية الثورة الصناعية الى اليوم ارتفعت نسبة ثاني أكسيد الكربون الى ٤٠٠ جزء من المليون في الغلاف الجوي (أي ٠.٠٤٪). ونتيجة لذلك، فإن الكثير من العلماء في العديد من الأدبيات العلمية اقرو بأن التغير المناخي (الاحتباس الحراري) نشط ويعمل بصمت من خلال الطبيعة. لنا ان نرى بكل وضوح انه بسبب الارتفاع الطفيف في تركيز ثاني اكسيد الكربون (CO2) هناك أربع حقائق لا يمكن تجنبها (أ) درجة حرارة الأرض آخذه في الارتفاع، (ب) ذوبان الجليد القطبي الجنوبي والشمالي، (ج) ارتفاع مستوى سطح البحر، و(ه) تحمض سطح المحيط.
هناك سيناريوهان مختلفان للتخفيف وإيقاف انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتقليل تركيزها في الغلاف الجوي. السيناريو الأول هو استخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والكتلة الحيوية (Biomass Energy) والطاقة الشمسية لإنتاج الطاقة. تختلف الطاقة المتجددة من موقع إلى آخر، لذلك الأداء التكنولوجي والاقتصادي لها لتحويل الطاقة يعتمد في اغلب الأحيان على الموقع. مصادر مثل الرياح والطاقة الشمسية والمد والجزر وطاقة الأمواج تتطلب وصول عالي إلى الشبكات حيث تحتاج الى التخزين ودعم احتياطي لتوفير التيار الكهربائي بشكل مستمر. ونتيجة لذلك، تعميم الإمكانيات والنفقات من دولة الى أخرى معقد جدا. لذلك، رغم التقدم الهائل في انتاج الطاقة من مصادر الطالقة البديلة المتجددة، من الواضح أن هناك فجوة كبيرة بين الواقع التكنولوجي والاقتصادي لنظم الطاقة المتجددة والوقت الذي تعتبر فيه هذه المصادر ناضجة ومتطورة تماما من حيث الكفاءة ونفقت التشغيل. العلماء والباحثين في الوقت الحالي يعملون بجهد لدفع حدود الطاقة المتجددة المتاحة وتحسين كفاءتها. لذلك نحن نحتاج لوسيلة أخرى تساعد في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وزيادة تركيزها فوق المستوى الطبيعي. السيناريو الثاني هو الإمساك بثاني أكسيد الكربون (CO2) وتخزينه، هذه العملية تعتبر عمليا مفيدة جدا وتساعد في التقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة الى الغلاف الجوي. ثاني أكسيد الكربون (CO2) يكون ٧٢٪ من إجمالي الغازات المسببة للاحتباس الحراري، والفحم المسؤول عن لا يقل من ٤٠٪ من هذه الانبعاثات. لذلك، يمكن استخدام هذه الطريقة للحد من زيادة نسبة تركيز الغازات المسببة للاحتباس في الغلاف الجوي (خاصة CO2).
الإمساك بثاني أكسيد الكربون وتخزينه أو عزله عبارة عن مجموعة مختلفة من الطرق التي لولاها لانبعثت إلى الغلاف الجوي بشكل دائم، مما يسهم في تغير المناخ العالمي. وبالتالي، تفعيل واستخدام هذه التكنولوجيا في المصادر الكبيرة المسؤولة عن انبعاثات هذه الغازات سوف يلعب دورا مهم وحاسم في العقود المقبلة. الامساك ب (CO2) وعزله يشمل ثلاثة مفاهيم مختلفة: (١) عملية ما بعد الاحتراق (Post-combustion)، (٢) عملية ما قبل الاحتراق (Pre-combustion) (٣) نظم الوقود المؤكسد (Oxy-fuel combustion). وبالإضافة إلى ذلك، هناك نظم تجعل الانبعاث لغاز (CO2) في تناقص (سالب) عن طريق دمج تكنولوجيا الإمساك وعزل (CO2) وتكنولوجيا احتراق الكتلة الحيوية (Biomass Energy)، مما يساعد في الحد من تركيز (CO2) في الغلاف الجوي. حين يتم الإمساك بثاني أكسيد الكربون (CO2)، فإنه يجب أن يتم ضغطه لضغط عالي جدا ودرجة حرارة منخفضة نسبيا. يمكن الوصول إلى كفاءة عالية في الإمساك بثاني أكسيد الكربون عبر الطرق الثلاثة المذكورة أعلاه. لكن مع ذلك، هناك وجه للقصور رئيسي مشترك بين جميع تلك النظم وهو ارتفاع التكاليف التشغيلية للأنظمة الكبيرة واسعة النطاق. ذلك يتطلب استثمارات عالية، وهناك عقوبة للطاقة المستخدمة في الإمساك بهذا الغاز من الطاقة الكلية ولا سيما المتصلة بعملياتها التي تساهم في ارتفاع التكاليف. وهذا يشير إلى الحاجة إلى البحث والتطوير لاقتراح شامل وفعال لاحد التكنولوجيات المتقدمة التي تهدف إلى تحقيق أقل العقوبات على الطاقة المستخدمة. مع بداية عام ٢٠٠٠، اتحدت الحكومات والمصانع والمؤسسات الأكاديمية وجماعات المصالح البيئية لتتعاون في تطوير التقنيات التي تقلل بشكل كبير من تكلفة الإمساك بثاني أكسيد الكربون (CO2)، وكان الهدف المقصود القدرة على تحسين الأداء والكفاءة، الأمر الذي سيؤدي أيضا في الحد من تكلفة الإمساك بثاني أكسيد الكربون (CO2) بنسبة ٥٠٪ على الأقل. واحدة من هذه التقنيات الواعدة هي (Chemical Looping Combustion (CLC) Systems) نظم حلقات الاحتراق الكيميائي. التكلفة الإضافية في توليد الكهرباء في نظم حلقات الاحتراق الكيميائي أقل من تكاليف المحسوبة لغيرها من النظم الأخرى للإمساك بثاني أكسيد الكربون. وعلاوة على ذلك، إذا كان العامل البيئي هو المعيار في تقييم كل هذه النظم، تعتبر نظم حلقات الاحتراق الكيميائي خيار أفضل من الخيارات الأخرى للإمساك بثاني أكسيد الكربون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق